الجمعة، 30 نوفمبر 2012

الاتهام بمخالفة علماء الحكام




بسم الله الرحمن الرحيم

هذه التهمة التي بدأنا نسمع بعض الجهلة يتهم بها بعض طلبة العلم عندما يخالف بعض أهل العلم في بلده (وإن كان قد وافق من سبقه فيها أو وافق من أهل العلم من لا يقطنون معه في دولته ) وتوجه هذه التهمة ولو كان هذا المتهم بهذه التهمة ممن أتاه الله القدرة العقلية والعلمية على معرفة ما يعتقد أنه الحق أو أن لديه القدرة على البحث والتمحيص وهذه التهمة البدعة لا أعلم أن أحدا سبق له أن  اتهم بها  أحدا في عهد رسول الله ولا في عهد أصحابة والسلف الصالح المصلح فالاتهام بها بدعة في دين الله لم ترد بل قامت الأدلة  على خلافها  وبناء على ذلك فإنه لا يصح التجريم بما لم يجرم به في دين الله.
وقد يكون سبب الاتهام بها أن المتهم قد قام بما أوجب الله عليه في إنكار الظلم وبيان حرمته ووجوب المطالبة السلمية برفعه وإزالته ووجوب تحقيق العدل الشرعي وذلك لأنه يعتقد أن فعله ذلك فريضة واجبة وشريعة قائمة لا يجوز لأي مسلم التقصير فيها، فمنكر الظلم بالطرق السلمية يقوم بأداء الواجب دون أن يتسبب في فتنة ولا سفك دماء ولا تخريب ممتلكات ولا غيرها  وهذا من فعل الواجب الشرعي بإجماع علماء الأمة وفي الصحيح عنِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله ليُملي للظالِم حتى إذا أخَذَه لم يُفلِتْه))، ثم تلاَ قوله الله تعالى﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ ,وقد أوجب الله على المسلمين إنكار الظلم وعدم جواز تركه بحجة أن أكثر الناس قد استمرؤوه أو قبلوا به قال الله تعالى ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ,أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بالعقاب من عنده  وغيرها من النصوص الشرعية الكثيرة في القران والسنة الموجبة لإنكار المنكر.

والخلاف قائم بين الناس عامة وبين طلبة العلم خاصة منذ خلق الله الأرض ومن عليها والى أن يرث الله الأرض ومن عليها وليس جريمة كما يريد بعض المرجفين أن يوهم به وقد حصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته رضوان الله عليهم  ولم أن أحد منهم اعتبر المخالف لراية الفقهي جريمة يعاقب عليه بل كانت مجالسهم لا تخلوا من مخالف لهم ومناقش ومناظر كما انه لا يعلم أي نظام في العالم حتى الأنظمة الشيوعية التي قيدت حرية الرأي أنها جرمت الاختلاف وأوجب إتباع عالم أو مجموعة علماء  ولذلك فإننا نقول أن مخالفة العلماء لا تعتبر جريمة في الشرع ولا في النظام  ولذلك فقد ورد إجماع أهل العلم أنه لا يجوز الإنكار في مسائل الخلاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  عن المسائل الاجتهادية التي يحصل فيه خلاف بين طلبة العلم  : "... إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس بإتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين: تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/80).  قال ابن قدامة المقدسي: "لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه، فإنه لا إنكار على المجتهدات", قال الإمام ابن تيمية: "مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه" وأنا أقول أن تجريم الخلاف والمحاسبة عليه وإلزام الناس بإتباع رأي بعينه بدعة في دين الله لا يجوز القول فيها بل يجب محاسبة من قال فيها ومعاقبته لأنه ابتدع في دين الله ما ليس فيه ومن ابتدع في دين الله ما ليس فيه فهو رد.
من يتتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح المصلح يعلم يقينا أنه  حصل بينهم خلاف كثير في مساءل خلافية ولم يلزم احدهم الآخر برأيه بل لم يعنفه أو يجرمه على خلافه, أما إن كان المقصود من التجريم بمخالفة العلماء من أجل أن يتوقف الإنسان عن تبني رأي يخالف فيه بعض العلماء في ما يعتقد فيه البعض انه من المصلحة السكوت عن المنكر وعن الأمر بالمعروف إلا بعد الاستئذان من الحاكم  فنقول لمن يعتقد بمثل ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة شرعية أوجبها الله على جميع المسلمين ولم يعلقها باستئذان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فكيف يمكن أن تعلق باستئذان أحدا من البشر غيره ولذلك فإنه لا يجوز الاستئذان فيه من أحد خاصة في مرتبتي الإنكار باللسان والإنكار بالقلب (أما مرتبة الإنكار بالقلب فقد يقال بهذا سدا لباب الفتن التي قد تترتب على الإنكار باليد) والأحاديث والقصص عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة في ذلك  ومنها ما حصل من إنكار عمر بن الخطاب وغيره ومنها قصة أبي سعيد الخدري في قصة إيراده لحديث(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده.......).

لا يمكن أن نجد أحدا من صحابة رسول الله ولا التابعين لهم بالحق والإحسان  ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يأذن له الحاكم بل الأحداث والوقائع تثبت عكس ذلك مما وصل فيه الأمر إلى الإنكار على الحكام أنفسهم وقصة إنكار أبي ذر على معاوية في الشام مع منع عثمان له دليل على وجوب الإنكار ولو أمر الحاكم بعدم الإنكار, وبناء على ذلك نعرف أن مسائل الخلاف  بين أهل العلم  تنقسم إلى  قسمين:
أولا :المسائل الخلافية التي ثبت فيها نص من الكتاب والسنة النبوية المطهرة تدل على صحة أحد الأقوال دون غيره فالواجب حينئذٍ إتباع النص والإنكار على المخالف. مع عذر من أخطأ فيها من المجتهدين .
ثانياً:المسائل الخلافية التي لم يثبت فيها نص قطعي في دلالته عليها ، فهذه تسمى "المسائل الاجتهادية"؛ لأن كل واحد من العلماء المختلفين قد عمل أو أفتى بما وصل إليه اجتهاده بعد نظره فيها واطلاعه على جزئياتها ، وهذه المسائل لا ينبغي الإنكار فيها على من خالف فيها بناء على اجتهاده المعتبر ، ولا ينبغي لأحد أن يحمل الآخر على راية ؛ لأن كل واحد من المختلفين  لم يخالف نصًا قطعيا في دلالته .

إذا فالمسائل الخلافية التي لا إنكار فيها هي مسائل الاجتهاد المحضة التي يجتهد فيها العلماء فتختلف وجهات نظرهم، وجميع المختلفين  ينطلقون من الكتاب والسنة، وينتهجون منهجهما, ومما لا يشك فيه عاقل أن ظاهرة الاختلاف بين العلماء والخلاف معهم لا يجوز لأحد إنكارها أو المعاقبة عليها لأنها  ظاهرة حتمية  طبيعية اقتضتها دلالة الأدلة الشرعية؛ لأن أكثر النصوص ظنية في دلالتها ، أو في ثبوت بعضها ، أو في عدم اعتبار دلالة البعض الآخر منها ، أو لخفاء الدليل على بعض العلماء دون البعض الآخر وقد يرجع إلى اختلافهم في معرفة الكيفية التي يمكن عن طريقها استنباط الأحكام الشرعية  من أدلتها، خاصة عندا تكون الإحكام التي اختلفوا فيها تعتمد على العُرف أو على المصلحة الشرعية ، للاختلاف الكبير بين مدارك الناس في هذه الأمور لأنه كلما تغير العُرف الذي اعتمد عليه في إطلاق الحكم تغير الحكم تبعا لذلك  وكذلك المصلحة التي تمت مراعاتها عند إيجاد الحكم إذا استجدَّت مصلحة شرعية أخرى مغايرة للمصلحة الأولى فإنه يستلزم تغيير الحكـم تبعًا لذلك وإنه لمن المعلوم لكل من اشتغل بالعلم الشرعي أن العلماء يتفاوتون بتقدير المصالح والمفاسد، كما يتفاوتون في إدراكهم للحاجة المقتضية لذلك ، مما لا يخالف نصًّا شرعيا أو إجماعًا أو قاعدة شرعية معتبرة. ويجب علينا أن ندرك أن الاختلاف في الأحكام الفقهية الناشئ عن اختلافهم في الاستنباط الشرعي رحمة من الله عز وجل  ورفقا بالأمة وتوسعة عليها ، ولذلك وجدنا أن النبي  صلى الله عليه وسلم أقره في مواضع كثيرة منها إقراره لاختلاف أصحابه في قصة بعثه  للجيش إلى بني قريظة  واختلافه في وقت أدائهم لصلاة العصر.

قال المناوي رحمه الله( اختلافهم توسعة على الناس بجعل المذاهب كشرائع متعددة ، بعث النبي صلى الله عليه وسلم بكلها؛ لئلا تضيق بهم الأمور من إضافة الحق الذي فرضه الله تعالى على المجتهدين دون غيرهم ، ولم يكلفوا ما لا طاقة لهم به؛ توسعة في شريعتهم السمحة ، فاختلاف المذاهب نعمة كبيرة ، وفضيلة جسيمة ، خُصَّتْ بها هذه الأمة ).
أما مـا ورد مـن النهـي عـن الاختـلاف  في القران الكريم  ، فقد بين المفسرون أن المقصود بهذا الخلاف المنهي عنه هو الاختلاف على الرسل ، فلو خالف إمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم شرعي ولم يلتزم بما قاله صلى الله عليه وسلم فإن قوله الذي خالف فيه النبي صلى الله عليه وسلم مردود عليه. قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى  (وبين الأئمة اختلاف كبير في الفروع وبعض الأصول ، وللقليل منهم غلطات وزلقات ، ومفردات منكرة ، وإنما أمرنا بإتباع أكثرهم صوابًا ، ونجزم بأن غرضهم ليس إلا إتباع الكتاب والسنة ، وكل ما خالفوا فيه لقياس أو تأويل . وإذا رأيت فقيهًا خالف حديثًا أو رد حديثًا أو حرَّف معناه فلا تبادر لتغليطه ، فقد قال علي لمن قال له: أتظن أن طلحة والزبير كانا على باطل؟ يا هذا: إنه ملبوس عليك ، إن الحق لا يُعرف بالرجال ، اعرف الحق تعرف أهله .

وما زال الاختلاف بين الأئمة واقعًا في الفروع وبعض الأصول مع اتفاق الكل على تعظيم البارئ جل جلاله ، وأنه ليس كـمثله شيء ، وأن ما شرعه رسوله حق ، وأن كتابهم واحد ، ونبيهم واحد ، وقبلتهم واحدة) ,وقال الإمام القرطبي:( وأما حكـم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع ، وما زال الصحـابـة يختلفـون فـي أحكـام الحـوادث وهـم مـع ذلـك متآلفون), وقـال أحمد السعـدي : سمعت أحمد بن حنبل يقول:( لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه ، وإن كان يخالفنا في أشياء ، فإن الناس لـم يزل يخالف بعضهم بعضًا ) ,وكـان أبو حنيفة رضي الله عنه يكثر من قول: (اللهم من ضاق بنا صدره فإن قلوبنا قد اتسعت له ، ويقول: من جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب).

ومن هنا ندرك أن الإمام أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله وغيرهم قد بينوا أن الاختلاف بين أهل العلم أمر طبيعي وأنه لا يعنف بعضهم على بعض ولذلك لم تضق صدورهم بمعارضة مخالفيهم في أرائهم الفقهية ، ولم يجعلوا ذلك سببًا في التقليل من شأنهم  ولم يطالبوا بمحاكمة من خالفهم أو توجيه تهمة شق عصا الطاعة أو تفريق المسلمين أو نحوها من التهم التي بدا البعض يحاول فيها أن يفرق بين المسلمين عن طريق الاتهام بها ، بل أشادوا بهم واتسعت صدورهم لخلافهم ، لحُسن مقاصدهم ومقاصد من خالفهم .
ومثال ذلك ما ذكره ابـن تيميـة رحمه الله عندما تكلم عن وجود الاختلاف في صفات العبادة التي ينبغي أن تفعل وفقه فقال :( أن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كـانت مأثورة أثرًا يصح التمسك به لم يكره شيء من ذلك ، بل يُشرع ذلك كله كـما قلنا في أنواع صلاة الخوف ، وفي نوعي الأذان الترجيع وتركه ، ونوعي الإقامة شفعهـا وإفـرادهـا ، وكمـا قلنـا فـي أنواع التشهدات ، وأنـواع الاستفتاحات ، وأنواع الاستعاذات ، وأنواع القراءات ، وأنواع تكبيرات العيد الزوائد . . . قال: وإنما يكون هذا تارة ، وهذا تارة ).

ومن هنا ندرك أن الاختلاف بين العلماء أو معهم كله من أجل تحقيق غاية سامية وهي  تطبيق شرع الله في أرضه ونشر العلم الشرعي ولو خالف هوى الحاكم لأن ذلك واجبا شرعيا لا يجوز التخلي عنه بأي حال من الأحوال كما لا يجوز ترك ذلك من أجل ما يمكن أن يسمى المحافظة على لحمة المجتمع  فلا يحافظ على المجتمع على حساب دين الله والمجتمع الذي يتفرق بسبب المحافظة على خاصية شرعية لدين الله لا يجوز المحافظة عليه لأنه لا يعد مجتمعا إسلاميا,هذا ما يتعلق بحكم الاختلاف مع العلماء أو الخلاف بينهم من الجانب الشرعي.

مخالفة العلماء من الناحية النظامية:
ما سبق هو ما يتعلق بمخالفة العلماء بشكل عام وشامل
 أما ما يتعلق بالخلاف بين العلماء والاختلاف معهم من الجانب النظامي في المملكة مثلا  فأقول أن من يتهم الناس بذلك نظاما فإنه قد وقع في مخالفة نظامية يجب محاسبته عليها وذلك لأنه اتهم بما ليس بتهمة نظاما – فهو يسئ إلى سمعة النظام في الداخل والخارج حيث أنه يتهم بما ليس بتهمة مما يوحي إلى البعض أن النظام فيها يجرم الأمور الطبيعة بل إنه يوحي بأن النظام يصادر حرية الآراء مما يعتبر تعديا على حق أساسي من حقوق الإنسان - بسبب أنه  لم يراجع الأنظمة المحلية قبل إلقائه لهذه التهمة ولا لما قال ذلك وذلك أنه يجهل أن هذا الاختلاف  من الأمور الطبيعية الحتمية التي لا يمكن لأي نظام في العالم أن يتهم بها أحدا إلا ما حصل في أوربا في العصور الوسطى أيام سيطرة الكنيسة على المجتمعات الأوربية وإذا كان لا يمكن لأي  نظام أن يقيدها فكيف يطالب بفرض عقوبة عليها مع أنه قد ورد في النظام الأساسي للحكم في المادة الثامنة والثلاثون ما نصه :لعقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي، أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي".
وحيث إنه لم يرد نص شرعي ولا نص  نظامي يجرم مخالفة العلماء  فإنه لا يصح اعتباره جريمة أو اعتبار من خالف فيه مستحقا للعقوبة على  ذلك بل قد ورد في النظام الأساسي للحكم  ما يشير إلى حرية الرأي والاختلاف فيه  وان النظام قد كفلها كما كفلها الإسلام في المادة السادسة والثلاثون:
تُوفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام.
وهذا يفيد أنه لا يجوز تقييد تصرفات أحد إلا بموجب أحكام النظام ولا يوجد في النظام ما يبيح تقييد التصرفات أو تقييد الرأي خاصة إذا كان شرعيا وإذا منع النظام تقييد تصرفات أحد فإن منع تقييد رأيه من باب أولى هذا ما يتعلق بالاتهام بمخالفة العلماء من الناحية النظامية .

أما ما يتعلق بجواز نظر القضاء في مسائل الفتوى والاختلاف في الآراء الشرعية فمن المستقر قضاء ومن المعلوم فيه ضرورة أن مسائل الفتوى لا تنظر وان ما ينظر هو ما يتعلق بالمنازعات والجرائم كما نص على ذلك نظام القضاء  ومسائل الفتوى لا تعتبر من الجرائم والمنازعات ومعنى هذا أن من نظر قضاء في مسالة من مسائل الفتوى فقد خالف المستقر قضاء وخالف النظام وقبله خالف الشرع أما مخالفة النظام فهو ما سبق أن ذكرته من إن نظام القضاء  قد منع من نظر مسائل الفتوى لأنها ليست من الجرائم ولا من مسائل المنازعات  ومعنى هذا أن مسائل الفتوى لا تنظر نظرا قضائيا وأن الذي ينظر قضائيا هي ما ورد النص عليه في المادة  السادسة والعشرون من نظام القضاء :
تختص المحاكِم بالفصل في كافة المُنازعات والجرائم إلا بما يُستثنى بنِظام، وتُبيِّن قواعِد اختِصاص المحاكِم في نِظامي المُرافعات والإجراءات الجُزئية. ويجوز إنشاء محاكِم مُتخصِّصة بأمر ملكي بناءً على اقتِراح مجلِس القضاء الأعلى.

تجريم مخالفة العلماء:
ومخالفة العلماء والاختلاف معهم لا تعتبر شرعا ولا نظاما من المنازعات والجرائم فلا يصح النظر فيها قضاءً والقاضي الذي ينظر فيها قد تجاوز حدود ولايته النوعية والموضوعية , أما مخالفته للشرع  فهي واضحة وصريحة وذلك أنه من عهد النبي وأصحابه لم يكن أحدا يحاكم لمخالفته لأحد من العلماء ولذلك نجد من خالف النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من المسائل  بل من اتهمه صلى الله عليه وسلم بعدم العدل لم يحاكم على ذلك وكذلك حصل مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم وما قال أحد بأنه يجب محاكمة من خالفهم أو معاقبته وهذا في حق النبي وأصحابه فغيرهم من باب أولى بل إني أعتبر اتهام الناس بمخالفة العلماء تهمة تعتبر إعلاء لمستوى العلماء فوق مستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا يمكن لعاقل أن يقول بذاك بل لم يحفظ التاريخ أحدا حوكم لمخالفته في رأيه رأي غيرهم  من أحد من الحكام الظلمة إلا ما حصل فيما يسمى بمحاكم التفتيش في الأندلس (اسبانيا) حيث كان الناس يحاكمون على أرائهم .








   

هناك تعليقان (2):