الجمعة، 12 أكتوبر 2012

وجوب الالتزام بالألفاظ الشرعية في تسمية الحكام


   



 بسم الله الرحمن الرحيم
            
وجوب الالتزام بالألفاظ الشرعية في تسمية الحكام:

الالتزام بالألفاظ الشرعية ومدلولاتها واجب شرعا ولذلك ينبغي على المسلم أن يلتزم بذلك  فلا يطلق الاسم الشرعي إلا على من يجوز إطلاقه عليه ولهذا فإنه يجب أن يسمى الإنسان باسمه ويوصف بصفاته ولا يمكن أن تستدعى له أسماء يسمى بها وهو أبعد الناس عنها  لأن هذا من الكذب الصريح المحرم كأن يسمى البخيل كريما أو الجبان شجاعا أو الجاهل متعلما أو فقيها  إلا ممن يعتبر نفسه كاذب كذبا صراحا ومعرفته بذلك يجب أن تنهاه عن هذا الفعل لعلمه بعدم جواز صدوره من مسلم  يعرف حرمة الكذب في الإسلام  وأنه لايجوز للمسلم فعله بأي حال من الأحوال ولا بأي عذر من الأعذار ولهذا فإن من امتدح الإنسان بغير ما فيه فهو آثم بكذبه, مجاز على إفكه, لا يختلف في هذا الكذب في مدح الحكام أو المحكومين أو العلماء أو العوام  أو الأغنياء أو الفقراء أو المسؤلين أو غيرهم ووصفهم بصفات ليست فيهم سواء كان المدح على المنابر أو في المقابر أمام عموم الناس أو أمام خاصتهم فهو من الكذب الصريح إذا كان صادرا من عوام الناس أما أن يصدر ممن ينتسب للعلم وخاصة العلم الشرعي فهو كذب وغش وخداع يستحق صاحبه العقوبة الدنيوية مع ما يدخره الله له من العقوبة الأخروية .

فريضة التمسك بمدلولات الألفاظ الشرعية:

إن الالتزام بالألفاظ الشرعية وإطلاقها على مدلولاتها الحقيقية فريضة شرعية لايجوز الحيدة عنها بأي حال من الأحوال مهما كان داعي ذلك إلا بقدر ما يجوز للإنسان أن ينطق بكلمة الكفر أن كان مكرها ولعل من احد أهم المصائب التي ابتليت به الامة وحرفها عن المنهج الشرعي من بعد عهد الخلفاء الراشدين تلك الألفاظ التي تسم البعض بها والتي انتشرت وتكاثرت حتى تسم البعض بأسماء هم أبعد الناس عن مدلولاتها
     
        مما يقبح عندي ذكر أندلس               سماع معتمد فيها و معتضد
       أسماء مملكة في غير موضعها           كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

ولعل من لوازم الالتزام بالألفاظ الشرعية ومدلولاتها أن يسمى من يقتل الناس بغير حق ولو كان قاضياً لهم  قاتلاً , ومن أفسدهم ولو كان معلماً فإنه يجب تسميته مفسداً ومن سجنهم بغير حق فإنه يسمى  ساجناً وسجاناً  سواء  كان فاعل ذلك حاكماً أو رئيساً أو قاضياً أو معلماً أو شخصاً عادياً  ومن هنا يتضح أنه لا يصح شرعا  أن يسمى من قتل أو سجن أو سرق شعبه حاكما شرعا كما لا يمكن أن تجرى عليه أحكام الحاكم الشرعي أو أن تنطبق عليه نصوص الحاكم الشرعية في الإسلام والتي لايجوز أن تطبق إلا على الحاكم الشرعي الذي انطبقت عليه صفات الحاكم الشرعي لأننا لو قلنا بغير ذلك أي قلنا بأن من قتل أو سرق أو سجن أو انتهك عِرْضَ شعبه حاكما شرعيا لقلنا في دين الإسلام ما لم يأذن به الله فكيف نقول بأن الإسلام الذي أوجب العدل والشورى وأخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة والذي حرم الله فيه الظلم على نفسه وهو خالق الخلائق وجعله بينهم محرما كيف نقول عن دين مثل هذا أنه يأذن بأن يقتل الحاكم شعبه أو يسجنهم أو يعتدي على أموالهم وأعراضهم ثم يجبرهم على أن يصبروا عليها والسكوت عنها ثم ننسب هذه الأفعال المحرمة إلى الإسلام حينما نسمي من يفعلها بأنه حاكم شرعي فأي شرع أو دين يسوغ القتل والسجن وسرقة الأموال أو الاستئثار بها  لبعض من تولى أمراً من أمور المسلمين ثم يضفي عليه هذا الدين ويصبغ أفعاله بالشرعية فيسميه حاكما شرعيا مع أنه أبعد ما يكون عن التسمية بذلك بل أن تسمية من فعل ذلك بالحاكم الشرعي تشجيعاً له أيضا على طغيانه و تسويغا لظلمه وتضليلاً عن جرائمه,  نعم هو حاكم بالمعنى اللغوي فقط لأنه يحكم مجموعة من الشعوب لكنه لا يسمى حاكما شرعياً ولا تجري عليه الأحكام الفقهية للحاكم الشرعي الواردة في نصوص القرآن والسنة .

وفي الختام أقول:

إن من أولى الأمور بالإهتمام في هذا الوقت الحرص التام على تسمية الحقائق بأسمائها وعدم المغالطة فيها أو تزويرها أو إطلاق ألفاظ التزكية على الظلمة والطغاة بسبب الخوف من المستبد الظالم فإن غلب على الإنسان خوفه فيجب عليه أن يكف عن الحديث عن الظلمة بالتزكية  وليسعه السكوت عن الترويج لبدعهم بتزكيتهم بإطلاق ألفاظ التزكية والتبجيل والتكريم  عليهم وليتذكر قول الله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)  فمتى تدرك الامة هذه الحقيقة الغائبة أو المغيبة والتي أصبحت أحد أسباب ضعف المسلمين واستمرار وقوع  الظلم واستشرائه بينهم. 


هناك تعليقان (2):