الخميس، 27 ديسمبر 2012

إثارة الفتن في ترك انكار المنكر


بسم الله الرحمن الرحيم 

أصبحت مسالة إثارة الفتنة من التهم التي يتهم بها كل من أمر بمعروف شرعي أو  سياسي لا يعجب الحكام أو أحد المتنفذين أو ينهي عن منكر شرعي أو سياسي  أوطالب بحقه الشرعي من مال أوعلاج أو سكن أو أمن أو كان صاحب رأي رشيد  سديد يرفض الظلم المحرم ويحارب الاستبداد والاستعباد أو يأمر بالمعروف وينهى  عن المنكر حتى شعر الناس بعد طول الزمن أن من لوازم الطاعة الشرعية للحاكم  الاستذلال وفقدان الكرامة والتنازل عن الحرية وتحمل الظلم والصبر عليه وترك المطالبة بالحقوق والتنازل عن الكرامة أو اعتبار الانسان من المتهمين بإثارة الفتن في المجتمع مما جعل البعض يضن أن الاسلام دين يامر بالذل والاستذلال لغير الحكام من متنفذين واقارب للحكام حتى اصدر بعض من ينتسبون للعلم الشرعي فتوى فيمن طالب بالحقوق أو عبر عن رفض الظلم بان فعله هذا من المسائل التي تبيح سفك دم رافض الظلم أو المعبر عن سخطه من بعض مظاهر الاستذلال يستحق عليها سخق جمجمته وسحله حتى يكون عبرة لغيره عن المطالبة بهذه الأمور من الحاكم الذي يباح له كل شي ولو كان هذا الشي قدحرمه الله على نفسه وهو الظلم.
 
حقوق الامة أولى من حقوق حكامها

خلق الناس أولا ثم أمروا بأن يضعوا لهم أميرا أو حاكما لتنتظم أمورهم ومعنى هذا أنه لا يمكن عقلا وشرعا أن يوجد حاكم بدون شعب لكنه يمكن وجود شعب بدون حاكم وهذه حقيقة لا يمكن الاختلاف حولها ومعنى هذا إن الحاكم إنما أوجد من أجل خدمة الناس ورعاية مصالحهم وأمنهم والدفاع عن مكتسبا تهم وحفظ الدين ويتولى هذه المهمة عن طريق البيعة الشرعية التي تجري بين الحاكم والمحكوم, ولذلك فحق الامة أولى وأهم من حق الحاكم لأن الحاكم لا يعدوا كونه أجيرا عندها أن قام بما استاجرته الأمة له وبايعته عليه من قيامه بمصالحها وإلا وجب عليها عزله واختيار أجير آخر غيره يقوم بهذه الامور.وبذلك يتبين أن ماذهب اليه بعض الجهلة والمنتفعين من المتسمين بالعلم من تقديم مصالح الحاكم على مصالح الامةغير صحيح بل هو تحريف ظاهرلمفهوم الحاكم في الاسلام.



الفتنة في ترك الواجب وليس في فعله

يعتذر بعض المنتسبين للعلم عن تركه لما أوجبه الله عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن تركه لقول كلمة الحق  للحاكم وعن تخلفه عن مناصحة الحكام وتوجيههم وعن تخلفه عن بيان حقوق الامة الشرعية على الحاكم يعتذر عن كل ذلك من الامور الواجبة عليه شرعا بخوف الفتنة على نفسه أو على غيره , أوحصول النزاع والشقاق بين أفراد الامة مما تسبب في تركه لهذه الواجبات واستشراء ظلم الحكام وافتياتهم على حقوق الامة واستئثارهم باموالها وممتلكاتها وأراضيها وقتل أو سجن من طالب بحقه في ذلك مما أوقع في الفتنة الحقيقية لا الفتنة المتوهمة وهذا يذكر بما حصل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حينما اعتذر البعض من الذهاب مع الجيش إلى بلاد بني الأصفر بحجة خوفه من فتنة نساء بني الأصفر فرد الله تعالى بان ما وقعوا به من ترك الجهاد هو الفتنة قال الله تعالى ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا.......)

نعم أن  الفتنة ليست في رفض الظلم وبيان الحق والعدل وحقوق الامة وواجبات الحكام وأطرهم على الحق وإنكار المنكر والقبض على يد الظالم ووجوب منعه عن الظلم  لأنها أمور شرعية واجبة على الامة ولايجوز لها التخلي عنها أو التفريط فيها بأي عذر من الاعذار مهما كان ,إنما الفتنة الحقيقية ترك ترك هذه الواجبات وفي انتشار الظلم والبغي والجور و الاستبداد والمنكرات بجميع أنواعها وإطلاق يد الحاكم في أموال المسلمين وممتلكاتهم ومصالحهم وقوته في الانتقام من شعبه واذلالهم لمصالحه ومصالح اهله واقاربه وخنوعه وذله أمام أعداء الامة وخصومها واستعانته بالكفار على المؤمنين ونحو ذلك
فلا يجوز ترك السعي لتطبيق شرع الله في أرضه  ونشر العلم الشرعي من اجل الخوف من غضب الحاكم أو مخالفة هواه ورغباته وشهواته
كما لايجوز ترك تلك الواجبات من اجل ما يمكن أن يسميه بعض الجبناء وأصحاب الشهوات  المحافظة على لحمة المجتمع وتماسكه , لأنه لايجوز المحافظة على لحمة المجتمع على حساب نشر تعاليم دين الله ولا خير في مجتمع تجمعه المعاصي وترك الواجبات ويفرقه فعل الواجبات الشرعية والتزام شرائع الله وتعاليم دينه واذا كان واجبا على الإنسان أن يقول كلمة الحق أمام الحاكم ولو خشي على نفسه القتل فحصول غيره مما هو اقل من القتل من عقوبة على التزامه بشرع الله من باب أولى ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وقال عليه الصلاة والسلام :(سيد الشهداء حمزة ورجل قام أمام سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله) . وهذا هو ما نص عليه الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في قوله :(كان من عادة علماء السلف التعرض لأخطاء السلطان والإنكار عليه غير مبالين بهلاك المهجة وفقد الأموال , لعلمهم بأنه من أفضل الجهاد والشهادة)

ولا يشك عاقل أن تطبيق شرع الله والالتزام بأوامره وتعاليمه هو الطريق الصحيح للخروج من الفتن والمحافظة على تماسك المجتمع الإسلامي  وذلك لأن الإلتزام بالشرع لا يمكن أن يكون طريقا للفتنة المنهي عنها فلا يمكن أن يأمر الله بمحرم أو بما يؤدي إلى محرم . 





هناك تعليقان (2):

  1. حرفو معنى الفتنة كما فعل اهل الكتاب من قبلهم يحرفون الكلم عن بعض مواضعه .
    فالفتنة لها معاني لا حصر لها واضعفها ومحدودها في ما زعموه وذهبوا اليه لو اطلع احد على معنى الفتنة في لسان العرب يذهل منها :-
    فتن (لسان العرب)
    الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون.
    والفَتْنُ الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل: يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار.
    ويسمى الصائغ الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ، قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم.
    ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم. يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها.
    http://www.baheth.info/all.jsp?term=%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A9
    شكراً د.عبدالكريم الخضر

    ردحذف